احتيال الاستثمار الفندقي- قصص ضحايا وتحذيرات خليجية
المؤلف: خالد السليمان11.16.2025

من خلال مكالمة هاتفية بدت وكأنها قادمة من رقم سعودي، تحدث المتصل بنبرة صوت مصطنعة تحاكي اللهجة الخليجية، مدعياً أنه يمثل شركة استثمار عقاري مرموقة ذات شهرة واسعة في إحدى المدن الخليجية. عرض المتصل عليّ فرصة استثمارية في مشاريع فندقية فاخرة، مؤكداً لي تحقيق عوائد مالية عالية ومضمونة بنسبة كبيرة، وبعد أن استنفد محاولاته لإقناعي بالتجاوب مع عرضه الاستثماري، بادر بتقديم عرض مغرٍ آخر، وهو عبارة عن رحلة مدفوعة التكاليف لقضاء أربع ليالٍ في إمارة دبي الساحرة، في أحد فنادقهم الفخمة ذات الشهرة الواسعة، وذلك بتكلفة رمزية زهيدة، لا تتجاوز ٥٠٪ من التكلفة الفعلية الحقيقية لهذه الرحلة المترفة!
كنت في حالة مزاجية جيدة ومتقبلة للنقاش، مما جعلني أستمر في المحادثة الهاتفية رغبةً مني في استكشاف أحدث الأساليب والتقنيات التي يعتمدونها في عمليات التحايل والإقناع، وبينما كان المتصل مستمراً في حديثه المعسول، كنت أقوم في الوقت نفسه بإجراء بحث مكثف على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، للتحقق من اسم الشركة وموقعها الإلكتروني وتقييمات العملاء السابقين لها. لم أستغرق وقتاً طويلاً حتى اكتشفت أن تقييمات الجمهور للشركة كانت متدنية للغاية، وأن معظمها عبارة عن شكاوى وتذمر من عمليات الاحتيال والتلاعب والمماطلة في الوفاء بالالتزامات والوعود التي يقطعونها على أنفسهم. والأدهى من ذلك، عندما قمت بالبحث عن تكلفة الحجز في فندق الأربع نجوم الذي عرضه عليّ، فوجدت أن الأسعار في مواقع حجوزات الفنادق الأخرى كانت أقل بكثير من نسبة الخصم المغرية التي عرضها عليّ، والتي تبلغ ٥٠٪. وعندما واجهته بهذه الحقائق الدامغة، بدأ على الفور في اختلاق التبريرات الواهية والأعذار غير المقنعة، مدعياً أنني لم أدعه يكمل عرضه المغري والمليء بالمفاجآت السارة، والذي يتضمن كوبونات تذاكر مخفضة لزيارة المواقع السياحية الشهيرة وتناول وجبات فاخرة في المطاعم الراقية «طبعاً فاخرة على نفس مستوى تقييم فندقه المتواضع»!
أدرك المتصل في نهاية المطاف أنني لم أنخدع بحيله وأساليبه الماكرة، وطلب مني أن أفكر ملياً بالعرض ولا أتسرع في رفضه، لكنني في الحقيقة أنهيت المكالمة الهاتفية بعد أن خاطبت ضميره المحتمل، متمنياً أن يستيقظ ضميره الغائب وأن يتقي الله في الأشخاص الذين قد لا يمتلكون الوعي الكافي والخبرة اللازمة للنجاة من براثن خدع التسويق الاستثماري. طبعاً، كنت أخاطب ضميراً ميتاً لا حياة فيه، ويبدو أن اختبار موت الضمائر هو الشرط الأساسي الأول لتوظيف أمثاله من المحتالين!
طيلة اليوم، تحول سخريتي واستهزائي بقصته ومحاولاته اليائسة إلى تساؤلات حزينة ومؤلمة حول أعداد الضحايا الذين يسقطون في شباك مثل هذه الاتصالات والعروض الوهمية. وفي المجالس التي رويت فيها القصة، فوجئت بأنه لا يكاد يخلو مجلس من شخص لديه قصة مماثلة أو تجربة مشابهة. وأخبرني أحدهم بأنه تلقى نفس الاتصال واستجاب للعرض المغري ودفع عربوناً مقدماً، ثم سافر إلى دبي ليكتشف بكل أسف أن عناوين الشركة وهمية ولا وجود لها على أرض الواقع، وأن الاجتماع الذي حضره عُقد في مساحة عمل مؤجرة بشكل مؤقت، وأن الفندق الذي تمت استضافته فيه كان فندقاً متواضعاً لا يرتقي إلى مستوى الفنادق الفخمة التي وعدوه بها!
أتساءل بجدية عن مدى التعاون والتنسيق بين دول الخليج، سواء على مستوى الحكومات أو من خلال مجلس التعاون الخليجي، في التصدي لمثل هذه الشركات الوهمية والحد من أنشطتها الاحتيالية. ولماذا تجد هذه الشركات ملاذاً آمناً لها في مدن خليجية معينة، تمارس من خلالها عمليات اصطياد المخدوعين واستغلالهم؟!
انطلاقاً من واجبي تجاه مجتمعي، أرى أنه من الضروري أن أكتب هذا المقال وأروي قصتي الشخصية، وذلك من باب نشر الوعي والتوعية والتحذير من مخاطر هذه الشركات الاحتيالية في المجتمع. ولكن جهود الأفراد تظل قاصرة وغير كافية، ولا يمكن أن تغني عن جهود المؤسسات الحكومية في تنظيم حملات توعوية شاملة ومنظمة، للتحذير من مخاطر ضباع الاستثمار العقاري الفندقي، تماماً كما تفعل مع محتالي سرقة البيانات المالية والأرصدة البنكية!
كنت في حالة مزاجية جيدة ومتقبلة للنقاش، مما جعلني أستمر في المحادثة الهاتفية رغبةً مني في استكشاف أحدث الأساليب والتقنيات التي يعتمدونها في عمليات التحايل والإقناع، وبينما كان المتصل مستمراً في حديثه المعسول، كنت أقوم في الوقت نفسه بإجراء بحث مكثف على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، للتحقق من اسم الشركة وموقعها الإلكتروني وتقييمات العملاء السابقين لها. لم أستغرق وقتاً طويلاً حتى اكتشفت أن تقييمات الجمهور للشركة كانت متدنية للغاية، وأن معظمها عبارة عن شكاوى وتذمر من عمليات الاحتيال والتلاعب والمماطلة في الوفاء بالالتزامات والوعود التي يقطعونها على أنفسهم. والأدهى من ذلك، عندما قمت بالبحث عن تكلفة الحجز في فندق الأربع نجوم الذي عرضه عليّ، فوجدت أن الأسعار في مواقع حجوزات الفنادق الأخرى كانت أقل بكثير من نسبة الخصم المغرية التي عرضها عليّ، والتي تبلغ ٥٠٪. وعندما واجهته بهذه الحقائق الدامغة، بدأ على الفور في اختلاق التبريرات الواهية والأعذار غير المقنعة، مدعياً أنني لم أدعه يكمل عرضه المغري والمليء بالمفاجآت السارة، والذي يتضمن كوبونات تذاكر مخفضة لزيارة المواقع السياحية الشهيرة وتناول وجبات فاخرة في المطاعم الراقية «طبعاً فاخرة على نفس مستوى تقييم فندقه المتواضع»!
أدرك المتصل في نهاية المطاف أنني لم أنخدع بحيله وأساليبه الماكرة، وطلب مني أن أفكر ملياً بالعرض ولا أتسرع في رفضه، لكنني في الحقيقة أنهيت المكالمة الهاتفية بعد أن خاطبت ضميره المحتمل، متمنياً أن يستيقظ ضميره الغائب وأن يتقي الله في الأشخاص الذين قد لا يمتلكون الوعي الكافي والخبرة اللازمة للنجاة من براثن خدع التسويق الاستثماري. طبعاً، كنت أخاطب ضميراً ميتاً لا حياة فيه، ويبدو أن اختبار موت الضمائر هو الشرط الأساسي الأول لتوظيف أمثاله من المحتالين!
طيلة اليوم، تحول سخريتي واستهزائي بقصته ومحاولاته اليائسة إلى تساؤلات حزينة ومؤلمة حول أعداد الضحايا الذين يسقطون في شباك مثل هذه الاتصالات والعروض الوهمية. وفي المجالس التي رويت فيها القصة، فوجئت بأنه لا يكاد يخلو مجلس من شخص لديه قصة مماثلة أو تجربة مشابهة. وأخبرني أحدهم بأنه تلقى نفس الاتصال واستجاب للعرض المغري ودفع عربوناً مقدماً، ثم سافر إلى دبي ليكتشف بكل أسف أن عناوين الشركة وهمية ولا وجود لها على أرض الواقع، وأن الاجتماع الذي حضره عُقد في مساحة عمل مؤجرة بشكل مؤقت، وأن الفندق الذي تمت استضافته فيه كان فندقاً متواضعاً لا يرتقي إلى مستوى الفنادق الفخمة التي وعدوه بها!
أتساءل بجدية عن مدى التعاون والتنسيق بين دول الخليج، سواء على مستوى الحكومات أو من خلال مجلس التعاون الخليجي، في التصدي لمثل هذه الشركات الوهمية والحد من أنشطتها الاحتيالية. ولماذا تجد هذه الشركات ملاذاً آمناً لها في مدن خليجية معينة، تمارس من خلالها عمليات اصطياد المخدوعين واستغلالهم؟!
انطلاقاً من واجبي تجاه مجتمعي، أرى أنه من الضروري أن أكتب هذا المقال وأروي قصتي الشخصية، وذلك من باب نشر الوعي والتوعية والتحذير من مخاطر هذه الشركات الاحتيالية في المجتمع. ولكن جهود الأفراد تظل قاصرة وغير كافية، ولا يمكن أن تغني عن جهود المؤسسات الحكومية في تنظيم حملات توعوية شاملة ومنظمة، للتحذير من مخاطر ضباع الاستثمار العقاري الفندقي، تماماً كما تفعل مع محتالي سرقة البيانات المالية والأرصدة البنكية!
